الأحد، 17 مايو 2020

الجائزة بقلم الدكتوره أمل سلامه نصرالله


الجائزة بقلم الدكتوره امل سلامة نصرالله

فى عام 2016 و تحديدا فى شهر سبتمبر ، كنت قد أعلنت عن جائزة "د. أمل سلامه نصرالله للفتاة الاكثر تميزا بجنوب الشيخ زويد و رفح". و كان لهذا الإعلان خلفية كبيرة من الألم. إنه ألم قلة الحيلة و الصورة الذهنية المشوهة عن الجنوب النائى الحزين للشيخ زويد و رفح. فقد كانت اسماء قرى جنوب الشيخ زويد و رفح تتصدر عناوين الاخبار حيث القتل والخطف و الهرج. تلك القرى التى ارتبطت فى أذهاننا نحن أهل المكان بالجمال و الهدوء و الأمان و البحر و الخوخ و التين. فكيف هذا؟ كيف تكون هذه الصورة هى التى تتصدر المشهد؟ أحسست بالعجز الموجع. و أخذت أفكر ملياً. كيف لى و انا لا املك سلاحاً او قراراً أن أساهم فى ربط اسم جنوب الشيخ زويد و رفح بشئ بهىَ جميل، يثير الراحة و السكينة فى النفس. فانا لا أملك شئ غير علمى و عملى. و من هنا جاءت فكرة الجائزة. فلا شئ أبهى و أجمل من فتاة متعلمة تجاهد من أجل أن تعلم و تثقف نفسها كاسحة طريق طويل من الألغام. قمت بالتشاور مع الاصدقاء و رواد العمل المجتمعى فى فكرة جائزة باسمى (كونى بدوية متعلمة) تمنح سنويا لفتاة مميزة من جنوب الشيخ زويد و رفح بقيمة عشرة ألاف جنيه مصرى من مالى الخاص و ذلك بعد نتيجة الثانوية العامة على ان يكون احد اهم الشروط هو التحاقها بالجامعة و استكمال مسيرة تعليمها. و قد كان. تم الاعلان عن الجائزة فى نسختها الاولى حيث كانت تستهدف الفتيات خريجات الثانوية العامة لعام 2017. و تم تكوين فريق عمل للجائزة و اختيار لجنة تحكيم للقاء الفتيات و اختيار الفائزة من بينهن. و تم وضع شروط للفتيات المتقدمات من اهمها ان تكون ما زالت تقطن فى احدى قرى الشيخ زويد و رفح وتكون حصلت على شهادات الابتدائية و الاعدادية و الثانوية من مدارس تابعة لتلك القرى. و أن يكون لها دور مجتمعى و لو بسيط فى قريتها الصغيرة، و يكون لديها مهارات تواصل جيدة و تستطيع ان تعبر عن افكارها و ذاتها بشكل جيد منمق . و أخيرا ان يكون مجموعها فى الثانوية العامة لا يقل عن 80% و ان كنا لم نعوَل كثيرا على المجموع و لكننا وضعنا هذا الشرط من اجل تقنين عدد المتقدمات. و بالفعل، تقدمت الفتيات ذاك العام من خلال الموقع الرسمى للجائزة ، و تمت مقابلتهن من قِبَل لجنة التحكيم المكونة من د. عبدالكريم الشاعر ، و د. خالد زايد و أنا. ووقع الاختيار فى ذاك العام على آية بسام بنت جنوب رفح و الطالبة بكلية التربية قسم اللغة الفرنسية حاليا لتكون الفتاة الاكثر تميزا بجنوب الشيخ زويد و رفح. وقد تم تتويجها فى حفل مبهج ضم كل من استحسن فكرة الجائزة من رواد فى مجال التعليم و اساتذة جامعات و صحفيين و رواد العمل المجتمعى بشمال سيناء، بالاضافة الى كل من رغب فى الحضور من اهل الفتيات لمشاهدة لحظة التتويج.

آمل من الله ان تكبر هذه الجائزة لتصل الى مليون جنيه

ثم جاء العام الذى يليه، ليتسع نطاق الجائزة لتشمل كل قرى الشيخ زويد و رفح حتى النازحات من الفتيات. و تزيد قيمة الجائزة لتصبح 40 الف جنيه مصرى بعد ان قام برعايتها بعض الداعمين من مجال التعليم و العمل المجتمعى. لذا، فقد قمنا بتوسيع نطاق الجائزة لتشمل ثلاث مستفيدات بدلا من واحدة. المركز الال تحصل على 15 الف جنيه و المركز الثانى 10 الاف جنيه و المركز الثالث 5 الاف جنيه. و يتم توزيع جوائز مالية على كل من شاركت فى المسابقة. حصلت على المركز الاول و لقب الفتاة الاكثر تميزا بالشيخ زويد و رفح لعام 2018 ابنة جنوب الشيخ زويد حليمة حسين الطالبة بكلية الصيدلة حاليا. ثم جاء العام الثالث لتزيد قيمة الجائزة و تصبح 50 الف جنيه مصرى و تفوز الطالبة ياسمين سليم ابنة الشيخ زويد و الطالبة بكلية الاقتصاد المنزلى بالمركز الاول و لقب الفتاة الاكثر تميزا بالشيخ زويد و رفح لعام 2019. الملفت للامر هو قصص كفاح الفتيات. فهى بحق قصص تُحكى و يفخر بها كل سيناوى. و لقد اجمعت كل الفتيات تقريبا انه لولا دعم الاب تحديدا، لما وصلن الى النجاح و التقدم للجائزة. و هذا الامر كان له بالغ الاثر على نفسى حيث حبانى الله بنفس هذا الاب الداعم الملهم رحمة الله عليه. و أزعم ان هذه الجائزة احدثت زخما فى البيوت السيناوية، و اصبحت املا ترجوه كل فتاة . و لقد ساهمت فى تشجيع فتيات القرى البدوية لاستكمال دراستهن الجامعية و خدمة مجتمعهن الصغير. و آمل من الله ان تكبر هذه الجائزة لتصل الى مليون جنيه و اكثر لدعم اكبر عدد من الفتيات السيناويات. فاذا نجحنا فى العشر سنوات القادمة فى تفريخ عدد من الفتايات الناجحات القادرات على صنع حياة جديدة على أرض سيناء، نكون قد أحدثنا فارقا حقيقيا و قدمنا نموذجا للدور المؤثر التى يمكن ان تلعبه القوة الناعمة فى اى مجتمع مصاب.