الجمعة، 6 سبتمبر 2019

ملاحظات على ما كتبه المستشرقون حول البدو

ملاحظات علي ما كتبه المستشرقون حول البدو بقلم محمد بن علي

بقلم محمد بن علي
بداية لا يجب إعتبار ما كتبه مستشرق ما عن البدو بشكل عام أو عن قبيلة معينة حقيقة مطلقة، لإن هناك عدة أمور يجب أخذها في الإعتبار لتقييم ما دونه المستشرق سواء أكان ما كتبه إيجابي أو سلبي، و سواء كان صحيحا أو غير دقيق.
و من هذه الإعتبارات إنحيازات الكاتب نفسه التي تشكلها عدة أمور منها معتقده، و طبيعة عمله، إيضا هناك مسائل أخرى يجب وضعها في الحسبان مثل توقيت رحلته و طبيعتها و القبائل التي صادفها و طريقة تعاملها معه، فضلا عن مستوى ثقافته و تمكنه من اللغة العربية.
و سنجد في هذه الإعتبارات و غيرها تفسيرا للتناقض بين ما كتبه المستشرقين عن البدو أو تفسيرا للأخطاء التي وقعوا فيها، فبعضهم وصف البدو بإنهم أمناء للغاية و أخرين وصفوهم بعكس ذلك، و بعضهم وصفهم بإنهم متدينين و البعض الإخر سجل غير ذلك، لهذا فالقارئ عن البدو يجب أن يكون منتبها قبل أن يرسم صورة في مخيلته في ضوء كاتب واحد دون النظر في خلفياته و الإعتبارات التي ذكرناها.
فمثلا لا يمكن قرأة ما كتبه المستشرق الإنجليزي بالمر عن البدو دون معرفة خلفيته في كراهيته الشديدة للعرق العربي، و دون أن نعلم أن طبيعة عمله في سيناء كانت مهمه إستخباراتيه في إطار التمهيد للإحتلال الإنجليزي لمصر إلي أن أكتشف أمره بدو سيناء و قاموا بإعدامه هو و فريقه بقلعة نخل عام 1882.
إيضا مسألة تأثير طبيعة العمل لها دور في تناول المؤرخ للإحداث، فعندما كتب ناعوم شقير كتاب تاريخ سيناء سنة 1910 سجل فيه واقعة مقتل بالمر سالفة الذكر على أنها سرقة إقترنت بقتل، لكن أستاذ التاريخ المصري صبري العدل حقق الواقعه و أثبت أنها فعل وطني ناتج عن مساندة بدو سيناء للثورة العرابية و لم يكن القتل بهدف السرقة كما سجل شقير، و عندما نعرف أن شقير كان يعمل رئيسا لقلم المخابرات التابع للحكومة البريطانية سنحصل على تفسير لتبنيه هذا الموقف.
و للمعتقد دور فيما سجله العديد من المستشرقين فبعضهم كانوا رجال دين و بعض من أتى بعدهم من المستشرقين لم يستطيعوا الخروج عن ما كتبه رجال الدين السابقين عليهم في رحلاتهم على الرغم من أكتشافهم لإخطائهم، إيضا لحالة السلم و الحرب دور فيما سجله المستشرقين، فمثلا لا يمكننا قرأة بحوث علماء الحملة الفرنسية حول العرب في ريف مصر و صحرواتها بمعزل عن معرفة أن ما دونوه كان خلال فترة الإحتلال الفرنسي لمصر من عام 1799 إلي 1801.
هذه هي بعض الملاحظات و بالطبع هناك عشرات الملاحظات الأخرى، لكننا أردنا في هذا المقال المقتضب أن ندفع القارئ للتفكير النقدي فيما يتعلق بما سجله المستشرقين عن البدو و عدم التعامل مع كل ما سجلوه بإعتباره من المسلمات التي لا تقبل الشك.