الجمعة، 17 أبريل 2020

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء

"عيون موسى" متحف عسكري و أثر تاريخي يخلد البطولات العسكرية المصرية في حرب 1973م .

البادية اليوم : محمود حسن الشوربجي

يقع مزار عيون موسى بالقرب من منطقة عيون موسى التاريخية على شط السويس غرب شبه جزيرة سيناء ويبعد عن مدينة السويس بنحو 30 كم وعن عيون موسى جنوباً بنحو 4 كم ، ويرجع تاريخ المنطقة إلى نبي الله موسى عليه السلام عند خروجه من أرض مصر ماراً بهذه المنطقة ، لذا نُسب اسم المزار إليها لأهميتها دينياً وتاريخياً وعسكرياً ، وعُرف المزار أيضاً بـ "متحف النقطة الحصينة بعيون موسى" لأهميته العسكرية والاستراتيجية ، كان هذا الموقع بمثابة نقطة قوية لإسرائيل بعد احتلالها شبه جزيرة سيناء قبل حرب أكتوبر 1973م ، وكان للموقع السيطرة الكاملة على الجزء الشمالي من خليج السويس ومدينة السويس وبور توفيق ، ورأيت فيها منظاراً بفتحتين للعين بعيد المدى يصل طوله إلى المتر تقريباً يتمكن الشخص من مشاهدة واستطلاع أكثر من 40 كم بوضوح ومازال المنظار موجود حتى الآن في مبنى على تلة عالية من موقع المزار ويوجد في المبنى كافتيريا لتقديم المشروبات الباردة والساخنة للزائرين ، كما يتحكم في طريق "الشط - الطور" المؤدي إلى جنوب سيناء ، وكان الجانب الإسرائيلي يستغل هذا الموقع في قصف مصانع البترول و الزيتيات ومصنع السماد وميناء الأدبية والمنشآت المدنية بمدينة السويس وبور توفيق غرب القناة .

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء


وبالرغم من سيطرة الاحتلال الاسرائيلي على هذه المنطقة الحصينة في ذلك الوقت بكافة وسائل التأمين المتاحة إلا أن القوات المسلحة المصرية في حرب 1973 نجحت في الاستيلاء على هذا الموقع الهام بعد احتلاله طيلة الست سنوات التي سيطر فيها الاحتلال على شبه جزيرة سيناء بشكل كامل .
هذا وصدرت الأوامر من القيادة العسكرية المصرية بمهاجمة الموقع الحصين يوم 9 أكتوبر إلى إحدى الوحدات الميكانيكية التي شكلت ثلاثة مجموعات قتال ، دفعت الأولى في اتجاه رأس مسلة والثانية إلى منطقة مقتل المصري والثالثة إلى موقع عيون موسى ، والإحساس العدو بإصرار قواتنا على الاستيلاء على الموقع انهارت روحهم المعنوية وانسحبت قواته وفرت تاركه ورائها الموقع بكامل أسلحته ومعداته وأجهزة التأمين، ومازالت موجودة إلى الآن في الموقع ، وتمكنت مجموعة القتال المصرية التي تم تشكيلها على أعلى مستوى في ذلك الوقت في الاستيلاء على الموقع قبل آخر ضوء يوم 9 أكتوبر 1973م في نفس اليوم، وعلى الفور بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الموقع قامت القوات المسلحة المصرية بتأمين الهيئات ذات الأهمية التكتيكية والحيوية حوله خشية التعرض الموقع إلى هجوم مضاد من العدو للقوات المصرية لأهميته العسكرية .
وحدث بالفعل ما خططت له قوات التأمين ، حاول العدو القيام بهجوم مضاد ولعدة مرات بمعاونة قواته الجوية في محاولة مستميتة لاسترداد الموقع إلا أنه بفضل الروح المعنوية العالية للمقاتلين المصريين والإيمان بعدالة قضيتنا تمكنوا بصد جميع الهجمات المضادة بنجاح، وأصبح الموقع تحت سيطرة القوات المسلحة المصرية .

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء

 متحف النقطة الحصينة بمنطقة عيون موسى

ويعد مزار "عيون موسى" أو المعروف بـ " متحف النقطة الحصينة بمنطقة عيون موسى" دليل على قدرة وعبقرية الجيش المصري الذي تمكن من الاستيلاء عليها على الرغم من شدة تحصينها ، والتي كانت بمثابة إحدى قلاع التحصين لخط بارليف التي استطاعت القوات المسلحة من تدميره بالكامل .
هذا وقمت بزيارة هذا المزار التاريخي عدة مرات لأتمكن من دراسته بالكامل للوقوف على بطولات الجيش المصري في استعادة هذه المنطقة الحصينة إلى أراضيه بعد أن احتلها العدوان الاسرائيلي في 1967م وأقام عليها حصن حربي وموقعاً أشبه بمركز لعدة كتائب حربية مختلفة تتمكن من إدارة مساحة كبيرة من الجزء الشرقي لقناة السويس.
ويحتوي مزار "عيون موسى" على ستة دشم خرسانية مسلحة ذات حوائط سميكة مغطاة بقضبان سكة حديد وفوقها سلاسل من الصخور والحجارة التي يمكنها تحمل القنابل زنة 1000 رطل ، ومحاطة بنطاقين من الأسلاك الشائكة ومزوده بشبكه إنذار إلكترونية وكل دشمة بها هاوتزر عيار 155 مم وبابه من الصلب وهناك أماكن مخصصة لمبيت الجنود والقادة يربطها خنادق المواصلات ويعلوها نقط مراقبة ومنشآت إدارية وطبية وهذه النقطة بها الاكتفاء الذاتي الذي يكفيها لمدة شهر.
تقابلت مع أحد القيادات المسئولة عن هذا المزار خلال زيارتي للموقع حيث ذكر لي أن فكرة الدشم أو النقط الحصينة كانت معدة اختباء الجنود الإسرائيليين في حالة تعرض الموقع للقصف بالجو أو المدافع وخاصة من جهة السويس حيث كانت مدينة السويس تحت سيطرة مصر في ذلك الوقت ، والتي كانت تشكل خطراً بالغاً عليهم ، وقاموا بوضع عدد (8 مدافع) ضخمة ووجهوها نحو مدينة السويس ، لتتمكن من ضرب مدينة السويس التي تبعد عن الموقع بنحو 30 كم مستخدمين قضبان السكة الحديد التي كانت موجودة في سيناء لوضع المدافع الضخمة عليها وتحريكها بسهولة ، حيث قصفت السويس عدة مرات ثم تختبيء ولا تكون ظاهرة للعيون حتى لا يتمكن أحد من رصدها بالجو أو المناظير البعيدة . ويتذكر أهالى السويس هذه المنطقة الحربية ويعرفونها جيداً فهي التي كانت تطلق منها القذائف على السويس لتدمر وتقتل وتصيب وترعب الأهالي وأجبرتهم على هجرة مدينتهم خوفاً من القصف المتوالي عليهم .

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء


وكان كل مدفع يحتاج لمن يعمل عليه حوالي 8 أفراد منهم من يضع الذخيرة ومنهم من يوجه المدفع ومنهم من يحدد الهدف ومنهم من يكون في راحة ليتناوبوا العمل على المدفع، ولأجل هذا فقد صنعوا أماكن للإقامة والنوم و مخابئ للذخيرة ووصلوا هذا كله ببعض عن طريق ممرات محصنة لا تخترقها القذائف.
وتتكون النقطة من مبنى بانوراما عيون موسى، وموقع المدافع 155مم والرشاشات، وقاعة تاريخية، ومكتبة تاريخية، ومحلات لبيع الهدايا، وكافتيريا، وهى تعد أحد المزارات السياحية الهامة فى مصر إلا أن الكثير من المصريين لا يعرفون عنها شئ وليس لها نفس شهرة النقطة الحصينة تبة الشجرة.

 داخل المزار لافتة توضح اسم المكان باللغة العربية والانجليزية

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء


هذا ولكل موقع داخل هذا المزار لافتة توضح اسم المكان مدون عليها باللغة العربية والانجليزية ، بالإضافة إلى احتواء الموقع من الداخل على كتابات كثيرة باللغة العبرية ، وخاصة الغرف الداخلية وغرفة رئيس الموقع . ويحتوي المزار أيضاً على مسجد صغير أنشأته القوات المسلحة للصلاة فيه ، ويوجد أيضاً قاعة مخصصة لكبار الزوار من الدولة لاستقبالهم ومخصصة أيضاً للمؤتمرات .

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء


وقد حددت القيادة المسئولة عن المزار توقيتات الزيارات للموقع والتي تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً حتى العاشرة مساءً في فصل الصيف ، ومن التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً في فصل الشتاء .
ويأتي إلى هذا المكان مختلف السائحين والزوار من المصريين والأجانب خلال زيارتهم إلى شبه جزيرة سيناء لاستكشاف الموقع التاريخي الذي سيطر عليه الجيش المصري في انتصارات حرب 73 المجيدة .

مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء


مزار عيون موسى .. اثر يخلد امجاد الابطال على ارض سيناء