الجمعة، 24 أبريل 2020


قامة مميزة ورقم صعب في عالم الأصايل

فرج بن حمودة في حديث الذكريات:

بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد.. وتعلُّقي بها صدفة 

فرج بن حموده بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد..

أنجال زايد فاقوا كل التوقعات وذللوا الصعاب وأكملوا مسيرة والدهم

اهتمامي بالهجن وفاء لعطائها ورد لجميلها الذي يطوِّق عنقي

"المطيوعية" أول ناقة امتلكتها في شبابي.. وفزت بسباق جري

أقول لسلطان بن زايد: "تستاهل الخير والناس يفرحون لفرحك"

حوار : عبدالله الجعيل 

نشر الموضوع في مجلة الهجن العربية الورقيه
فرج بن حمودة الظاهري معين لا ينضب، وروح وثابة للخير والحق والجمال.. رمز للعربي الأصيل، معجون بأخلاق البادية، طموحه بلا حدود بامتداد الآفاق واتساع الصحراء، وقلبه يفيض وداً وحباً يتسع لكل المحيطين به.
فرج بن حمودة الظاهري اسم يستدعي إلى الذاكرة كل ألوان الفرح والسرور، وهو عالم حافل بالمفاجآت السارة، فما أن تقترب منه وتظن أنك قد اكتشفت معدنه ومفتاح شخصيته حتى يفاجئك بجديده الأكثر تميزاً وتألقاً.. حقاً إنه قصة لم تكتمل فصولها بعد، وكلما اقتربت منها عرفت فصولاً جديدة، فرجل الأعمال ومحب الإبل ومقتني الهجن السبوق، دائماً تجده أينما وجدت مهرجانات الركض أو في عالم المزاينة.. كثيرون هم عشاق الأصايل، غير أن ابن حمودة يظل وحده بينهم قامة مميزة ورقماً صعباً متفرداً في خصاله وسجاياه، نموذج في الوفاء لتراث الأجداد، يمكن للحديث معه وعنه أن يبحر بنا في نهر بلا ضفاف.. هل غرقنا أم غصنا في أعماقه؟ في كلا الامرين لن نستخرج منه إلا اللؤلؤ والمرجان..

ولقاء ابن حمودة يكتسب أهمية خاصة لما يملك من رصيد إنجازات في الختاميات على مدى اشتراك إبله وأيضاً للدعم القوي السخي الذي يقدمه لأهل المزاين سواء في مزاين رزين أو غيرها من المزاينات الخاصة، يدعم الرجل ما يحب من عطايا الله من بداية دخوله هذا العالم حملته الإبل على أعناقها فحمل في عنقه الجميل لها وأصبحت هي هوايته التي يلوذ بها من التجارة وعالم المال، ففي لقاء مطول لـ "الهجن العربية" شرح ابن حمودة كيف اهتم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالإبل وحافظ عليها من الإهمال، ولما للرجل من أهمية كونه من الرعيل الأول الذي شهد هذا الاهتمام، فكان لابد من إلقاء الضوء على تجربته كي تكون حاضرة أمام الجيل الجديد من عشاق رياضة الأجداد، وأضاف أن اهتمام أنجال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فاقت كل التوقعات، حيث حافظوا على ما بدأه والدهم فذللوا الصعاب ودعموا بكل سخاء هذا الموروث.

متى بدأ اهتمامك بالإبل؟

** منذ طفولتى وأنا مع الإبل وذلك فى منطقتنا بالعين، كنا فى الشتاء نذهب بحلالنا إلى البر، وفى الصيف نقيظ فى مزارع نخيلنا بالعين، حيث نزرع تحت الأفلاج البرسيم لتأكل منه الحلال، فنحن كنا أهل مال وكانت عندنا سلالات معروفة وهي بنات عرجا وبنات غرابة.

هل لك مواقف لا تنساها مع الإبل فى طفولتك المبكرة؟

** نعم.. مازلت أذكر موقفاً حدث لي معها وأنا في السادسة من عمري عندما سِرت وراء قطيع إبلنا وسارت الإبل إلى منطقة بعيدة، وبعد المغرب تمكنت من الوصول إلى إحداها في أجواء صعبة وظلام دامس، وكانت تسمى ريمة، وعندما سمعت صوتي حنت عليّ واقتربت مني على عجل ولم تكن موثقة بخطام (رسن) لأتمكن من الإمساك بها لكنها اقتربت مني وبركت لي لأتمكن من حلبها وشرب الحليب لأنني كنت في قمة الجوع والعطش من التعب الشديد، ولم تكتف بذلك بل وقفت وهبطت برأسها أمامي لأركب على رقبتها ورفعتني بهدوء فوق ظهرها لأمتطي ظهرها وسارت بهدوء إلى أن أوصلتني إلى بيتنا، ووجدت أمي في حالة خوف شديد عليّ، وهذا موقف لن أنساه لها.

هل تذكر أول ملكية لك للإبل؟

** عندما كنت في سن الشباب ملكت أول ناقة وسميت "المطيوعية" وولدها قعود نخوناها من بعير للشيخ زايد وسميناه "سمحون" وأذكر أن الشيخ شخبوط طلب والدي في أبوظبي، وركبنا النوق وأصررت على أن أركب قعودي رغم أنه لم يكن جاهزاً، وبعير صلف، وسرنا من العين إلى أبوظبي، وكان هناك حفل تضمن سباقاً للجري، ويشاء الله أن أفوز به، ومن العين عدنا إلى دبي عند الشيخ راشد بن مكتوم رحمه الله.

ماذا تذكر عن بداية العودة إلى الاهتمام بالإبل؟

** عندما حكم الشيخ زايد وبدأت النهضة العمرانية وبدأ ينشئ الجيش والشرطة، ترك الناس الإبل، بعضها ضاعت وأخرى مرضت، فانتبه الشيخ زايد وعرف أن العرب تركت حلالها وقال: كيف نعيد للناس الاهتمام بالحلال؟ فقال إن عنده مشروعاً لأهل الإبل يجعلهم يعودون للاهتمام بالإبل هو سباق للهجن ومعاش لكل شخص عنده ناقة ونعطيه راتباً، فعاد الناس للاهتمام بها، وأصبحت مصدر ثروة لمن يمتلكها، الناس يحافظون عليها ويشترونها، وبدأنا نحن مع بعض آل حمودة في الاهتمام بالإبل. 
فرج بن حموده بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد..

ماذا عن بداية اهتمامك بالركض ومتابعة كل مايخص الإبل؟

** أول مابدأت فى الركض مع أخي العصري بتوجيهات من الشيخ زايد، وتعلقي بها جاء صدفة، وأنا في خضم العمل والمشاغل الكثيرة، حيث كنت أشغل مناصب في عدد من المجالس الحكومية فى فترة بداية تأسيس المجلس الاستشاري، وهو مثل المجلس الوطني حالياً، وكنت عضواً فيه، إضافة إلى مجلس الكهرباء والماء وغرفة التجارة وبنك أبوظبي الوطني، كنا مشغولين نعمل ليل نهار فى تأسيس إمارة أبوظبي، ومع ضغط الأعمال كنت مسافراً إلى لندن وفي الطائرة وجدت كتاباً لفت نظري، وهو لعالم بريطاني يقول "إن الإنسان الذي عنده مشاغل كثيرة يحتاج إلى هواية تبعده عن الكلام وما له علاقة بعمله في جو بعيد تماماً يقضى بها أياماً عدة بعيداً عن الناس الذين يعملون معه" فكرت في هذا الكلام وقلت: لماذا لا تكون لي هواية؟ ولماذا لا تكون هي هوايتي القديمة وأهلي وأجدادي وهي سباقات الهجن وهي التي يشجعها الشيخ زايد وينادي بإحيائها فما كان إلا هذه الهواية التي ورثناها عن الآباء والأجداد، ومن يومها التزمت بأن أقضي إجازتي بين الإبل، أشاهدها وألف على العربان وألتقيهم، أسمع حديثهم عن الإبل وأصولها، والماضي والحكم والقصص المنقولة، وكانت البداية في عزبة أنشأناها في العين، وشجعني الشيخ طحنون على الشراء والتضمير في العزبة وقال لي: نبغاك تشتري.. قلت له: ولا يهمك الخير عندي، وأنشأنا العزبة واشترينا أول قعود بـ 80 ألف درهم في التسعينيات واشتراه لي خليفة بن شاهين المرر ثم توالت المشتريات.

كيف كانت تنظم السباقات في ذاك الوقت؟

** كان المركاض في المقام، وتركض الإبل في السيح الواسع بشكل طولي لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات، وكان شوط حول وشوط زمول شيخ وعامي مع بعض كنا نسرح ونصبح الصبح فى الركض، ويتابعنا الشيخ طحنون والشيخ سيف، وفي أول سباق فاز بعيري "الحمداني" ومنذ ذلك اليوم والجوائز تتوالى.

كيف كانت متابعة الشيخ زايد لتلك السباقات؟

** كان الشيخ يستأنس جداً بها وهو يرى الاهتمام بالإبل ويشجع على تفعيل السباقات بالشراء والتربية وإقامة الشارات لتشجيع الناس، ويوماً أرسل ناقة سبوق لحياة حمود رحمه الله فقال حمود: هذه إشارة إلى أنني أنشئ عزبة، وبدأنا وكان عندنا فى العزبة ناقة اسمها زريق وكبسولة وعندي ناقة اشتريتها بـ 100 ألف درهم سميتها الساعة.
واقترح حمود على الشيخ زايد رحمه الله فصل أشواط الشيوخ عن الجماعة تشجيعاً للمواطن لأن التنافس بينهم سيشجعهم أكثر فوافق وقال: "مبروك توكلنا على الله" وهي البداية لتشجيعهم على الاشتراك، والشيخ زايد شجعهم أكثر بزيادة الأعداد بجوائز نقدية ثم سيارات، وزادت أكثر وأكثر وأصبحت الناقة التي تسبق لها راتب.
ويذكر للشيخ زايد أمره بمنع خصي الفحول التي كانت تخصى ليصبح الفحل أكثر سرعة لكن الشيخ زايد منع ذلك حفاظاً على السلالات، وقال: المخاصي ما يركض، وهذا من حسنات زايد وبركاته وحكمته، وذلك حتى ينتج الفحل بعد أن يعتزل الركض. 
فرج بن حموده بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد..

ما أبرز إنجازاتك مع الهجن؟

** هي كثيرة وما أذكره منها إنجازات جوائز مالية وسيوف وخناجر وكؤوس وسيارت، وفي مركاض واحد أخذت الدرعية السيف في سباق الوثبة منتصف التسعينيات وأول شيء فى 89 ابن ظبيان سبقت، وكانت الجوائز مالية، ثم فزنا بسيوف وخناجر وكؤوس، وكأس الإيذاع في ند الشبا 99 وحصلت عليه "خيرة".
وحصدت جوائز المهجنات في أول انطلاقة لها حيث لم تكن هناك أشواط مهجنات ومحليات، وزايد أراد أن يحافظ على السلالات، وأمر في الأشواط بفصل المهجنات من المحليات، ويوم فصلوها ميقة أخذت عليها الفوز في 10 كيلومترات في ثلاثة أشواط وأخذت السيارة للمهجنات وأخذت كأس الثنايا وكأس الثنايا في الوثبة وفي أول مرة لسباق الـ 10 كيلومترات وجائزته سيف ومرسيدس في أبوظبي أخذته لي مياسة عام 2007، وحصلت "جليلة" وهي مهجنة على سيف سباق دبي 2008، وفي قطر 2007 حصلت "جليلة" على سيف الأمير.

حدثنا عن مبادرتك لإطلاق أشواط الحقايق في السباقات..

** في عام 2007 في سباق الوقبة تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وحضورسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ سلطان بن حمدان آل نهيان والشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وتبنيت شخصياً فكرة أشواط الحقايق في سباق الوثبة، حيث كانت الأشواط تقتصر على الفردي، ومن يومها وجَّه الشيخ سلطان بأن يصبح هذا السباق حكومي لقايا وجذاع وثنايا بعدها الحقايق بعد ما بدأت الشارة صاروا الآن يبدون بها، وفي ذاك العام كانت المبيعات أكثر من 320 مليوناً مبيعات، وهو ما يعني كم الفائدة من إطلاق هذه المبادرة عند أهل الإبل. 
فرج بن حموده بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد..
 

ماذاعن تجربتك في تنظيم أول مسابقة للمزاينة في الإمارات؟

** في مسابقات المزاينة كان إخواننا المناهيل والعوامر يهتمون بها وكانوا يقيمون مزاينات للمجاهيم في السعودية، وكان رأي بعض المشاركين في المزاينات أنني أضع جوائز هناك للتشجيع فقلت: أوافق على وضع جوائز لكن داخل الدولة لتشجيع أهل الإمارات والإبل الإماراتية، وذهبت للشاعر حارب بن سالم المنهالي وقلت له: يا حارب الناس أهملوا حلالهم ولا يهتمون به وقلت له: نضع شارة جوائزها 100 ألف درهم، وذلك عام 2001 وأقمنا مزاينة مجاهيم شرقي بنى ياس وأقمنا الخيام والتصوير، ويومها سعد جداً بها الشيخ زايد، وفي عام 2002 أقمنا مزاينة للمجاهيم وفي 2004 أيضاً وفكرت لماذا لا نقيم مزاينة المجاهيم والمحليات، وبالفعل نجحنا وجاءني أهل قطر ممن يشجعون المزاينات وقالوا: نريد أن نستعين بتجربتكم في تنظيم مزاينات المحليات، واتصل بي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وأخذ من عندنا اللجنة وأسست هناك مزاينات قطر.
بعدها بدأ مهرجان سمو الشيخ سلطان بن زايد وسمو الشيخ عمار بن حميد، وهكذا تطورت فكرة المزاينات، وفي عام 2004 جاءنا الشيخ منصور وحوَّل فكرة المزاينة من أهلية إلى حكومية لرفع الأسعار وتشجيع أكثر على البيع والشراء.
ما تقييمك لمزاينة الظفرة؟
** انظر لمزاينة الظفرة، إنها فكرة طيبة اشترك فيها أناس من دول المنطقة وشجعوها، وهو مهرجان متميز، وأتمنى أن تتم إطالة الأشواط للمشتركين، لأن الهدف أن يسعد الناس، وبلغني من الشيوخ أن العام المقبل ستفتح الأشواط لجميع الفئات.
كيف ترى اهتمام الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بالإبل الأصايل؟
** متابعة سموه الدائمة لمهرجان سويحان يدلل على مدى حرصه واهتمامه، فهو يتابع أولاً بأول ويعانق الفائزين ويتصور معهم ويبارك لهم، وهذا يسعد الفائز وحوله أبنائه وأبناء عمومته أكثر من سعادته بالجائزة ويحظى بتغطية إعلامية متميزة.
ماذا تقول للشيخ سلطان؟
** "تستاهل الخير والناس يفرحون لفرحك" وهذا ليس غريباً عليه، فهو ولد زايد وهمه إسعاد الناس.
هل ستشهد المواسم المقبلة مشاركتك في المزاينات؟
** في الحقيقة طلب مني سمو الشيخ سلطان بن زايد ذلك، وأفكر في هذا بشكل جدي.
فرج بن حموده بدأت الركض بتوجيهات شخصية من زايد..