السبت، 25 أبريل 2020


نماذج مشرفة لمواطنين بسطاء شقوا طريقهم في الصخر وحفروا أسماءهم في ذاكرة المجتمع بعزيمة واصرار ونقدمها للأجيال والتاريخ باعتبارهم أعلام عصرهم و واجهة مضيئة لوجه سيناء .

ابو غديف ..يتحدى الزمن
من حراسة الحدود إلى دراسة القانون

ابو غديف ..يتحدى الزمن من حراسة الحدود إلى دراسة القانون

حوار : محمد ابوعيطة

نشر الموضوع في صحيفة البادية اليوم الورقيه عام 2012
بوجه متفائل بشوش رسم الزمن على ملامحة خريطة معاناة امتدت لأكثر من نصف قرن جد خلالها واجتهد فى تحصيل العلم رغم قسوة الظروف لم تمنعة طول المسافات من الوصول الى اعتاب المدارس والجامعات ليتعلم ويؤدى دوره فى خدمة مجتمعه منذ نعومة اظافرة حتى انحناء قوس ظهرة .
ضيفنا عودة عطية ابو غديف ابن قبيلة الترابين والذي لايعترف بكل موانع الزمن بعد أن تجاوز اعتاها وهو يمضي في طريقه نحو العلم والتعلم والعمل الشريف بعيدا عن اى شبهه أو مسلك غير محمود .
فى منزل من طابق واحد فى مدينة راس سدر بجنوب سيناء يقيم ابو غديف بعد ان احيل الى سن المعاش وفى غرفة استقبال جانبية بهذا المنزل استقبلنا مرحبا وكانت عبارة " الحمدلله .. الهداية من ربنا مافى مستحيل اذا اخلصنا النية " هى رده المباشر على قولى له ان ما دفعني إلى البحث عن بيتك والسعي إلى محاورتك هو إجماع أبناء رأس سدر انك احد الشخصيات البدوية المشرفة لهم بعد أن عانى كثيرا ليبقى نظيفا طاهر اليد يعيش بالكد.
يسرد أبو غديف رحلة معاناته التى بدأت منذ مولدة قبل نحو 67 عاما فى منطقة المقضبة بوسط سيناء التي على ارضها تشكلت ملامح شخصيته وهو راعى صغير لاغنام أسرته كغيره من الاطفال والغلمان في ذاك الزمن ومع ذلك سعى والده أن يلحقه بفصول الكتاتيب ينتقل اليها بين الحين والآخر وكان بمنطقتهم أحدهما والآخر فى الشيخ زويد .

فى الثالثه عشر من عمرة سار 30 كيلوا بحثا عن مدرسة

فى سن الثالثة عشر من عمرة قرر ان يبحث عن أقرب مدرسة ليكمل تعليمة وكانت تشجعه فى ذلك والدته فقرر الذهاب الى مدينة العريش على قدميه لأول مرة فى حياته بحثا عن مدرسة وكل ما معه كتب وأقلام الكتاب وبعض ملابسه جهزتها له والدته يقول ابوغديف كنت مثل " البعير الجافل" لاول مرة ادخل المدينة وابحث عن مدرسة حتى أنى لفت نظر أحد أبناء مدينة العريش فى أحد شوارعها و التواصل مع اصدقاء لاسرتنا فى المدينة تم التوسط لي والحاقى فى مدرسة الرفايعة رغم كبر سنى وأقمت عند معارف لى من أبناء قبيلة الفواخرية فى العريش وكنت ازور اهلى مع القادمين للتسوق من أبناء منطقتنا كل اسبوع من سوق الخميس واسرتى تتنقل من مكان لآخر بمنطقة القريعة و المقضبة والريسان بحثا عن الرعى وأكملت الاعدادية لظروف وفاة والدى كان لازما على أن اتولى مسؤولية رعاية اسرتى والتحقت متطوعا بسلاح الحدود وخلالها درست بعد الظهر وأكملت الثانوية العامة ثم كلية الحقوق وعانيت جدا فى الحصول على موافقة للالتحاق بكلية الحقوق لدرجة ان من منحنى التاشيرة للموافقة المشير عبدالحكيم عامر بعد ان تقدمت له بطلب بصفتي من أبناء القوات المسلحة ودخولى الحقوق جاء بعد محاولات استمرت ثلاث سنوات .فى كل عام منها كنت اعيد الثانوية العامة مرة أخرى لاكون مستجدا عن البحث عن جامعة .

قهر الصعاب ووصلت الى مايريد من العلم وتربية الابناء

انهيت دراسة الحقوق وتركت سلاح الحدود والتحقت بوظيفة مدنية فى وزارة الشئون الاجتماعية عملت خلالها فى محافظة الاسماعيلية بوظيفة باحث قانونى وانتقلت الى سيناء حيث عملت مديرا لادارة الشئون الاجتماعية برأس سدر وخلال هذه الفترة واجهت اعباء العمل المجتمعى وشغلت فى عام 1968 عضوية مجلس شعبى سيناء ثم نفس العضوية فى جنوب سيناء ثم عضوا بمجلس الشورى خلال الفترة من عام 1983 حتى 1989 ثم وكيل مجلس محلى محافظة جنوب سيناء .
يفتخر محدثنا بأسرته التي اجتهد فى تربيتها ومن بين انجاله طبيبان هما الحسن ويعمل طبيب باطنه فى حميات العباسية وأحمد يشغل مديرا للتامين الصحى بمدينة القصاصين فى الإسماعيلية والدكتور كمال مدرس استشاري في كلية العلوم بجامعة قناة السويس والمهندس موفق مدير ادارة كهرباء رمانه بشمال سيناء و2 من ابنائه معلمين فى مدينة راس سدر بجنوب سيناء وكذلك بناته ويعتبر ان اكبر شرف نالة فى حياته تعليم ابنائه الذين يلمس فيهم البر والطاعه والصدق وهو ثمار يفتخر بحصاده .
ابو غديف الذى ينظم الشعر ويهتم جدا بتاريخ وتراث سيناء يتمنى أن يكون لسيناء عواقل تسمع كلمتهم ويقول بدونهم لن تصل الحكومة الى سيناء وتضع يدها على مكامن الخلل .

 لتصلوا الى ماتريدون ولن تصلوا الا بالعلم

يوصي أبناءه في مراحل التعليم من البدو قائلا لاتتنطعوا وكونو تواقين الى العلم لن يرفعكم الا هوة فلاتهملوه كل شئ الان متاح وتبقى ارادتكم لتصلوا الى ماتريدون ولن تصلوا الا بالعلم