الجمعة، 24 أبريل 2020



الصيد هوايه و عشق في صحراء سيناء

الصيد هوايه و عشق في صحراء سيناء

بين رحمة الصيد التقليدى وقسوة استخدام التكنولوجيا فى القنص

تقرير : عطاالله الجداوى
موسم يغفل عنه كثير من هواة الصيد والقنص فهو موسم صيد مصغر يمر فى ربوع سيناء مرور الكرام ، رغم اهتمام البعض بهذا الموسم الربيعي بعد فصل شتاء قاسي كان قبله موسم صيد خريفى كبير يسميه البعض موسم صيد الحصيدة فهو يأتى فى وقت الحصاد عندما يكون القمح والشعير فى موسم الحصاد
ولعلهم على حق فى هذه التسمية الاخيرة فمعظم طيور السمان والتى تعود فى هجرة معاكسة من الجنوب الى الشمال تختبئ فى حقول القمح والشعير وبين سنبلة المتمايله وخاصة اذا كان موسم الأمطار غزيرا فى الشتاء الذى لملم صقيعه ورحل وبدأ دفء الربيع فى ربوع صحراء سيناء
هذه الطيور المهاجرة تشارك الطيور المقيمة معيشتها بضعة أسابيع رغم انشغال الاخيرة ببناء اعشاشها ولكن هذا العام جد فى الأمر جديد بل قد يرتقى الى ناقوس خطر ينذر بفناء تلك الطيور وانقراضها وهو استخدام جهاز صوتى يصدر اصواتا مشابهة لأصوات الطيور المهاجرة فيملأ الدنيا من حوله ضجيجا فتهوى الطيور المهاجرة وهى متعبة من طول الرحلة فتجد الصيادين قد نصبوا الشراك بجوار الجهاز فتمتلئ الشباك بطيور السمان وهذا هو تدخل التكنولوجيا لصالح الإنسان ضد الحياة البرية
والجهاز عبارة عن ماكينة متوسطة الحجم يشبه جهاز التسجيل مزود بسماعات ومسجل عليه اصوات الطيور المراد صيدها
ويقول ابراهيم ابو عبدالله : ان الجهاز كان يأتي من دول الخليج وكان غالى الثمن ، ولكن فى الآونة الاخيرة توصل بعض الصيادين الى تقليل كلفة الجهاز بحيث استطاعوا تسجيل الأصوات على كارت ميمورى والتشغيل بواسطة الـmp3 كالتي تعمل فى جهاز التسجيل بالسيارة
ويضيف سلمى عيد : أن الصيد بهذه الطريقة اسهل كثير من الصيد بالطريقة التقليدية فيكفى ان تشغل الجهاز بجوار مزارع القمح او الشعير وتنصب الشراك لتجدها مملؤة فى الصباح
وأما الصيد على الطريقة التقليدية فيقول محمد حماد سلامه: للبادية اليوم عندما تكون الأرض خصاب وينتشر الزرع والمساحات الخضراء متنوعة بين قمح وشعير نجد العديد من طيور السمان ونحن نسميها ( الفر – المرع – الزنزون – الملوح وغيرها )وكلها طيور مهاجرة نجدها فى حقول القمح والشعير وخاصة عندما تهب الرياح الربيعية الخفيفة فتختبئ فى تلك الحقول
وعندما تحس بوقع اقدام الصياد تطير فيظل الصياد ينظر إليها حتى تهبط الارض مرة اخرى على بعد 500 م او أقل فيحدد اى الشجيرات اختبأت فيها ثم يتحرك الصياد بحذر – والكلام مازال للشاب محمد حماد سلامه
وينصب الشرك او نسميه (العب) وهو شبكة الصياد بين شجيرتين مقابل الشجرة التى تختبئ فيها الفريسة ، وياتى من الناحية الاخرى يحبو ويضع امام وجهه اغصان من العاذر ( نبات صحراوى ) ويقترب اكثر زاحفا نحو الفريسة وهو يصفر صفيرا خفيفا ويردد ( كا حيكوك 00 كاحيكوك 00 ) فتتحرك الفريسة وهى تمشى بخطوات حذرة نحو الشرك وبمجرد اقترابها يسرع لها الصياد ليجبرها على الدخول بسرعة الى الشرك حتى لا يتسنى لها فرصة الهروب والإفلات ويتم صيدها ليقوم الشباب بعمل حفلة غداء صيد او تباع فى الأسواق لهواة اكل لحم السمان
وعلى الجانب الأخر لايطارد هذه الطيور الانسان فقط بل الصقور والتى بدورها صيد غال لهواة صيد الصقور فهى ثروة آتية من بعيد عبر البحار من يمسك بها فقط ابتسم له الحظ

البادية اليوم ذهبت الى تلك الأكواخ لصائدي الصقور فقبلنا سلمان سالم


احد صيادي الصقور فى هذا الموسم يقول سلمان نقوم بنصب الكفاية وهى عبارة عن كوخ من الحشائش صغير يكون بمثابة غرفة تحكم بالشرك المنصوب لصيد الصقور والذى يبعد عن الكفاية او الكوخ حوالى 70 م فمن هذا الكوخ تخرج ثلاثة خيوط يتحكم فيها الصياد الجالس فى الكوخ وهو يراقب مربع العمليات وكذلك الجو من خلال فتحة مموه من الكوخ وهذه الخيوط الثلاثة تكون على التوزيع التالي :
الخيط الأول : فى آخره فريسة صغيرة ( عصفور – فأر أو ما شابه)
الخيط الثانى : مربوط فى آخره صقر صغير سهل الاصطياد فى البيئة السيناوية ويسمى ( كبيدى – شراقى – ينمة ) وهو يباع فى اسواق المقناص بمبلغ لايتجاوز الخمس دولارات، وهذا الخيط يحركه الصياد داخل الكفاية باستمرار فيطير بالجو وقد علقت برجليه بعض الريش الصغير ليوهم الصقر الشاهين بانه يحمل فى رجليه فريسة ويظل يحوم فى الجو على حسب طول الخيط الخيط الثالث : هو صمام الأمان للفخ او الشرك فبمجرد جذبه يقع الصقر الشاهين فى الفخ
وهنا سألناه كيف يتم الصيد؟يقول والكلام لازال لسلمان : يظل الصياد داخل الكفاية او الكوخ يحرك الخيط الثانى والمربوط فيه طير الكفاية ( الكبيدى) والذى يظل يعلو ويهبط فوق الشرك وعندما يبتسم الحظ ويأتى الطير الشاهين ويحاول خطف الفريسة الوهمية المعلقة برجل الكبيدى عندها يقوم الصياد بجذب الصقر الكبيدى الى أسفل بحركة الخيط نحو منطقة الشرك والشاهين يتابعه وهنا يحرك الخيط الأول والذى بنهايته الفريسة الحقيقية فيتحول انتباه الشاهين لها وهى تنجذب نحو منطقة الشرك أكثر فأكثر فيتابعها ويحاول خطفها وعندما يصير فى مرمى الفخ يجذب الصياد الخيط الثالث فيطبق الفخ فى لمح البصر على الطير الشاهين فيسرع الصياد بتخليصه من الفخ وبيعه لتجار الصقور ليباع بعد ذلك الى الأسواق الخليجية
ويردف قائلا: هذا الموسم صيد الصقور فيه خفيف ولكن بعض الشباب يبنون الكفاية ويصطادون الصقور الصغيرة والتى تستخدم فى الصيد ليتم بيعها على من يقومون بالقنص فى موسم الصيد الأكبر باسعار جيدة فى بداية الموسم والبعض يصل الموسم بالموسم يظل يراوح المكان لعل وعسى تمطر السماء صقورا تجلب رزقا طال انتظاره
هذا هو موسم الصيد الخفى فى مواسم الحصاد او كما يسمونه ( صيد الحصيد )
إذن هى طيور مهاجرة ذهابا وإيابا معها تنشط حركة الصيد والقنص وتقام الأسواق وتهبط من السماء أرزاق
لتظل سيناء بصحرائها الواسعة و فضائها الرحب مضمار سباق على إحياء رياضة الآباء والأجداد إلا وهي ( الصيد) ولكن الى اى مدى ستظل هذه الرياضة غير متهمة بالمساهمة فى انقراض هذا النوع من الطيور خاصة مع استخدام تلك التكنولوجيا الذكية والقاسية على حد سواء

ملجوظه : التقرير من ارشيف صحيفة البادية اليوم 

الصيد هوايه و عشق في صحراء سيناء