تقاليد استقبال مولود الإبل
طقوس تكشف عشق ملاكها للحوار من اللحظة الأولى لميلاده
للرعاة طرقهم فى معرفة موعد الولادة
ينظفون القادم الجديد ويحظرون " تعطيره" لحين استقرار الطعام فى جوفة
يطلق على الناقة عندما تلد اسم " الخلفة " لأنها خلفت حواراً
يحرص كل مالك أن لا يطأ الناقة اى فحل غير معروف اصله ويتخذون لذلك احتياطات استباقية
محمد ابوعيطة. باحث فى التراث الشعبى
الموضوع منشور في النسخة الورقية من مجلة الهجن العربية
ـ كان ولايزال لأستقبال مولود الناقة الجديد طقوس خاصة عرفها يتوارثها أبناء المجتمعات الصحراوية من مربى الإبل والرعاة لها والمهتمين بشأنها من الملاك والتجار.
الطقوس المتوارثة تبدأ من لحظة الميلاد للحوار، ويراعى فيها تجهيزات مسبقة يقوم عليها من يتولى بشكل مباشر أمر " الناقة " التي ستلد، ويلازمها خلال عملية الولادة التي تستمر لنحو ساعة من الزمن.ومهمة من يلازمها مساعدتها فى إخراج " الحوار "، ولا تقوم الأم كما فى باقي الحيوانات الأخرى بلعق المشيمة، وتكتفي بشم رائحة مولودها، ويقوم الراعى بتنظيفه مما علق به من بطن أمه، وفى بعض المناطق يكون حرص الراعى شديد خلال هذه اللحظة على ان يسقى الصغير المولود للتو بماء مخلوط بالعطر، او ماء المشيمة او ماء بالصابون وخلطة بحليب إلام، والعجيب أنه خلال هذه العملية التى تستهدف إعطاءه جرعة تحصين من الأمراض يتم سد أنف المولود بعناية ، حتى لايشم رائحة المشروب وما به من عطور إلى أن يستقر في جوف المولود، ويقول في ذلك أهل الإبل ان الحوار لو شم هذه الرائحة يموت على الفور.
وإذا تعذر وجود هذا المشروب يقوم الراعى بعزل الصغير عن كل ما حوله من القطيع لمدة من أسبوع إلى أسبوعين، وتقديم العشب له إلى ان يصبح معتاد على تناوله، وبذلك يكون في منأى عن خطر شم الروائح العطرية، وكل هذه الإجراءات يتخذها اهل الصحراء بهدف أن يتأقلم جسد المولود على حياته الجديدة، وتقبل حواسه الروائح المختلفة من حوله التى تخرج من زهور الحشائش .
وللرعاة طرقهم فى معرفة موعد الولادة ومنها أنها قبيل عملية الولادة تظهر على الناقة العشراء اعراض تبين إنها على وشك وضع مولودها، ومنها إنها تكون فى حركة دؤبة ذهابا وجيئة بين الابل المرافقة لها، وهى تختلج بصوت واضح أقرب إلى الحنين، وتكثر من انسداحها على الجنب، وتحريك الذيل لليمين واليسار، وقبل موعد الولادة بساعات تمتنع الناقة عن تناول الطعام ، ومن العجائب إنها فى هذه اللحظات تحاول ان تركن الى مكان تتسم أرضه بالنعومه والنظافه وتجدها عند انسداحها لا تختار إلا الموضع اللين، وينتفخ ضرعها بالحليب .
ويعتنى الراعى بالمولود الجديد ويهتم بتدريبه على خطوات الحركة الأولى من خلال الإستناد على قدميه، ويقربه من أمه لتعرفه وتتعرف عليه، و من المتعارف عليه ان الناقة تضع ا وليدًا واحدًا، ونادرًا ما تلد توأمًا، والحمل والولادة تتم فى عام ثم تتوقف العام الذى يليه، ويزن الصغير عند ولادته ما بين (25) إلى (50) كيلوجرامًا، ويبلغ ارتفاعه نحو (90) سنتيمترًا، ويستطيع صغير الإبل أن يقف على أقدامه بعد مرور نحو ساعتين أو أكثر، ويظل يرضع من لبن أمه نحو سنة كاملة ثم يُفطم بعد ذلك.
ويطلق على الناقة عندما تلد اسم " الخلفة " لأنها خلفت حواراً،وتسمى أيضاً لبون . وجاء في كتاب موسوعة الإبل لمؤلفة فلاح العاني ( 1997 ) ( تسمي العرب الإبل ساعة ولادته بالسليل، إلا أنه في عصرنا الحالي يندر استخدام هذا المصطلح )وتابع المؤلف تعريفة بقولة ( وتعد تربية السليل من الأمور المهمة، وتعد الأسابيع القليلة الأولى من حياة السليل الفترة الأكثر أهمية خلال تربيتها، حيث يكون السليل حساساً جداً للإصابة بالعديد من الأمراض ، خاصة الإسهال والأمراض التنفسية ، ويتأثر الإنتاج ونسبة الهلاكات بصورة واضحة بطبيعة النظام الغذائي المتبع في تربية السليل) .
قبل ان الولادة والحمل يهتم مالك الناقة بما ستحمله من مولود من خلال اختيار الجمل الذي سيلقحها، ويتم التلقيح فى مكان امن محاط بسياج، يحجب الأنظار، وفى توقيتات متباينة فى أوقات الصباح الباكر، والغروب الدامس ، لتحقيق غاية الستر المراد منها، ومن يحضر هذه العملية فقط صاحب الفحل وصاحب الناقة، او من يستعان بهم من الرعاة المقربين ممن يرافقون الإبل و تعرفهم ويعرفونها .
وتكون سن الذكر ( الجمل ) المناسبة للتلقيح، مابين السنة الرابعة الى السابعة من عمره، والأنثى ( الناقة ) ما بين السنة الخامسة الى السابعة من عمرها، بعد التأكد من اكتمال نمو كليهما.
ويحرص كل مالك ان لايطأ الناقة اى فحل غير معروف اصلةويتخذون لذلك احتياطات استباقية من بينها تكميم مؤخرة الناقة بقطعة قماش مانعه لأي محاولة من الجمل لإتيانها في غفلة منهم ، وتسمى هذه القماشة " شملة " ويطلقون على الابل الاصيله مسمى " إطلاق شملة " ،اى إنها أصيلة حوفظ على أمها إلى ان لقحت من جمل أصيل