الخميس، 21 مايو 2020

العرب البدو بمصر منذ عهد الفراعنة

العرب البدو بمصر منذ عهد الفراعنة

بقلم محمد علي الحويطي

يظن الكثيرين أن سبب وجود العرب في مصر هو الفتح الإسلامي لها علي يد عمرو بن العاص رضي الله عنه منذ 14 قرنا، و الحقيقة أن دخول الإسلام مصر كان أحد الأسباب الرئيسية لهجرة نسبة كبيرة من العرب إلي وادي النيل، لكن لا يمكن إعتبار الفتح هو سبب وجود العرب في مصر، لأن وجودهم سابق على الفتح بالالاف السنين.
و لتوضيح هذا الأمر يجب التفريق بين تواجد العرب في سيناء و تواجدهم بوادي النيل، فمن ناحية سيناء فالثابت تاريخيا أن العرب سكنوها منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، وتدل الآثار الفرعونية على ذلك، و كان الفراعنة يطلقون على بدو سيناء في الشمال لفظ " هيرو شاتو " أي أسياد الرمال، و في الجنوب لفظ المنيتو إي ملوك الصخور
و لما ظهرت المسيحية كان العرب البدو موجودين بسيناء، و بعد ظهور الإسلام وجد جيش عمرو بن العاص في طريقه إلي وادي النيل قبائل عربية بشمال سيناء خلال مرور الجيش مثل لخم و جذام، و عندما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه له مدد، سار هذا المدد من وسط سيناء فصادفه عرب من غسان مقيمين بالوسط، و هذا يؤكد أستمرار تواجد العرب في سيناء حتى قبل الفتح الإسلامي، و قد نسب المقريزي و القلقشندي بعض قبائل شمال سيناء الحالية إلي هذه القبائل القديمة.
أما في وادي النيل، فهناك عدة دلائل تشير إلى تواجد العرب به قبل الإسلام بقرون عديدة و من هذه الدلائل، وثيقة بطلمية ترجع لعام 258 قبل الميلاد، تذكر أن أحد أحياء مدينة الفيوم كان يسمى بالإغريقية حي العرب، و أن ضباط عرب طلبوا تعيين واحدا منهم والي على المدينة.
وبناء على ذلك، فإن كل الروايات التي تربط بداية وجود العرب في مصر سواء بسيناء أو بوادي النيل بالفتح الإسلامي غير دقيقة، لأن وجود العرب لم ينقطع بسيناء منذ فجر التاريخ و حتى اليوم، كذلك وجودهم في وادي النيل سابق على المسيحية نفسها.
و أخيرا تشير أحد الدراسات الجينية الحديثة إلي أن نسبة العرب في مصر حوالي 17% إي حوالي 17 مليونا وفقا للتقديرات الحالية للسكان، و إذا سلمنا بصحة هذه النسبة فإن المنطق يقول انها لم تتشكل دفعة واحدة بل تكونت على مدار عشرات القرون، لكن يجب الأخذ في الإعتبار أن هذه النسبة لا تعني تعداد القبائل البدوية الحالية لأن هناك فرق بين الأمرين، فالقبائل البدوية بشكل عام في مصر تدور حول نسبة 6 %، وفقا للإحصاء المصري الرسمي سنة 1897 و يتعلق هذا الأحصاء بالعرب البدو المرتبطين بقبائلهم، أما باقي نسبة 17% التي افترضنا صحتها فقد انصهروا تماما في المجتمع المصري على مدار السنين و لم يعودا يتذكروا أصولهم العربية، كذلك نسبة الخمسة بالمائة المشار إليها في هذا الأحصاء توطن الكثير منهم في وادي النيل نتيجة سياسات التوطين التي اتبعها محمد على و احفاده مع البدو، فتحولوا من النمط البدوي إلي الحضري و انصهروا أيضا بشكل تام في المجتمع المصري، و يعد كاتب المقال واحدا منهم.