السبت، 25 أبريل 2020

الإبل في التراث الشعري ماضيا وحاضرا بقلم سليمان عياط


الإبل في التراث الشعري ماضيا وحاضرا بقلم سليمان عياط



نشر الموضوع في صحيفة البادية اليوم الورقيه

الإبل من أكرم المخلوقات التي خلقها الله قال تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت سورة الغاشية قالت أم هاشم السلولية ما ذكرمذكور خير من الإبل إن سارت أسرعت وان نحرت أشبعت وان حلبت أروت وان حملت أثقلت ويقول عنها أبناء البادية الإبل معاوين الدهر وقال صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث الشريف في ألبانها وأبوالها دواء ومن مفاخر الإبل أنها حملت رسول الله صلى الله وسلم من مكة إلى المدينة في رحلة الهجرة المباركة ويذكر التاريخ إن الإنسان العربي استأنسها منذ عابر التاريخ وهو شديد الاحتفاء بها في حاضرة وظهر ذلك في شعره
وأمثاله وحكمة ومروياته والتي عكست حب العربي عموما وأبناء البوادي خصوصا بهذا الكائن ولم تفتر عاطفة العربي
تجاه الإبل مع تغير الأحوال وتبدل الزمان وهذا ما تؤكده اجتماع شملأبناء العروبة من مغرب الوطن العربي إلى مشرقة ومن جنوبه إلى شماله ليشاهدوا سباقات الهجن العربية الأصيلة وهذا ما شاهدناه في تونس ومصر والسودان والإمارات وقطر المملكة السعودية والأردن فنجد حامل الدكتوراه إلى جانب المزارع والراعي الكل يتعلق بهذا الكائن اشد ما يكون
التعلق حتى أن الشاعر البدوي
قال عن مهرجانات واصفا لها بأنها عيد قال الشاعر
المهرجان بدايته ونهايته عيد      مسك الختام اللة يديم الستيرة
فى ملتقى الاحباب عز وتشييد  حبا يصفى خافيات السريرة
نحرص على عاداتنا والتقاليد       ونجني اثمار عقولنا المستنيرة


نعم كما قال الشاعر القطري فمهرجانات الهجن أعياد للتلاقي على المحبة فلم يبالغ وإنما رصد واقعا ففيها الحفاظ على الهوية والموروث والذي تمثل الإبل أحد أهم مكوناته ولما اودعة الله في الإبل منعظيم الصفات والتي لأجلها أحبها
العربي وهام بها ووفاء لها بعد توارى وتراجع دورها في الانتقال و السفر والنقل أمام الوسائل الحديثة وفاءا لهذا المخلوق ولنجائبها الأصيلة من الإبل كان الاحتفاء بالإبل عبر سباقات الهجن التي لها أهمية وجماهيرية طاغية ومن صفاتها التي أحبها البدوي من اجلها ما ورد في نهاية الأرب للنويري كتب وفى طبع الإبل الاهتداء بالنجم ومعرفة الطرق والغيرة والصولة والصبر والتحمل والعطش وهى تتعرف على النباتات السامة بالشم فلا ترعاها وقال حكيم العرب أكثم بن صيفي موصيا قبيلة طىء بالإبل قال لا تنسو الابل ولاتضعو ارقابها في غير حقها فإن فيها مهر الكريمة ورقود الدم يتحف الكبير ويغذي الصغير ولو ان الابل كلفت الطحن لطحنت . ويقول أبناء قبيلة عقيل الإبل لوعلمتها الصلاة صلت وقال جزا بن صالح الحربي:
الابل عطايا الله والله سخرها في إكرام العروبة
سفينة الصحراء تقطع البراري           وفى منزل القرآن خلقه عجوبة
نحال من كثر السرى والمسارى         وتمشى لو أن القيظ حامى هبوبة
وكم عدد البوادي العربية صفات الإبل ومناقبها وتغنوا بها في شكلها وفى جمالها وفي عدوها وصفاتها.
قال سليمان عياط:
يا راكب اللي بالرسن ما ترده             ولا رخصو لة كما صقر وحام
عد البداوة اصلة وجدة                     صلب العضود فج القوايم والعظام
ولنطلق فى الميدان طواة وهدة           يسبق مضمرات الصلب عرمات السنام
تلفى على اللى جلسته خير جلسة          يوقف يهلى بالكرم سيد الاكرام
وعاداته الجود والجود همه                 وهواه ملك محطمات الارقام
وقال فرج ابو جودة العيادى
يا راكب من عندنا من فوق حره             لون الشرار اللي تلاعب به الريح
تهذل هذيل الذيب لاكت بره                  ولا عقاب الليل يوم الندى يطيح
راعيها ما بات فى الصبخ مرة             وأكثر مباته فوق روس المقاريح
فى جو هادى ما تشوبه غبره                 وما دايروا داره أنذال وصلاكيح
راعى جواب ويفهمه كل قره                 ماهو من اللى يميع العلم ويسيح
ولنشدوا الفرسان يخلى ممره.                 ودون الشرف يورد على النار ويطيح.
فنجد الشاعر وصف البكرة بأوصاف الجود وكذلك صاحبها وهذا غرض أصيل في شعر البادية فهم يقولون
جود الهجن من جود أهلها أصل ونبالة.
ونجد الشاعر عنيز ابو سالم وصف الإبل الأصايل بأنها وقال :
يا راكب من عندنا من فوق ضامر.            عود على بطنه تدوح المعاليق
ما طبعوه معمرين السوامر                       اللى ذراهم برد فى ساعة الضيق
واسى عليه وجلسه كان خامر.                   واسقه من اللمى زى تنشح وتضويق
ولقه طريق البر حسب الأوامر                واحسب حسابك فى البلاد اللقاليق.
هنا اشار الشاعر الى ان أصيل الهجن يعد للمهام العظيمة وأن من يدربون ويطبعون الهجن هم أهل عقل ورزانة يكتسبها الجمل الأصيل من التطبيع والتدريب.
وأول سير الإبل الدبيب ثم التزيد ثم الزميل ثم الوسيم ثم الوخز ثم العسيج ثم الوسيج ثم الوجيف ثم الرتكان.
ومن مسميات بادية سيناء لسير الإبل مسار- سحاح – اهذاب – أرباع وهو أقصى سرعة.
ويقول ابن خلدون إن العرب تأثرت أجسادهم وعاداتهم من حيث الصبر والاحتمال نتيجة غذائهم المكون من لحوم وألبان الإبل. ومن نافلة القول أن الإبل كانت تستخدم كآلة للحراثة والنقل والجر وطحن الحبوب وسحب المياه من الآبار مثلما استخدمها العربي في السفر والحرب وعلى ظهور الإبل قطع العربي البوادي والقفار إما من اجل الاتجار أو من اجل الحرب ولذلك اتصلت الإبل بالحياة الاجتماعية والروحية للإنسان العربي في تلك الحقبة وقال الشاعر حمودة محمد سالم :
البيت ستر من الريح ومن الأمطار الغزيرة
في البيت بتلم الأسرار حتى الامور الخطيرة
البيت بده غطى كثيرات بده صوانى وسيعة
بده قدور كبيرات بده صحون سطيرة
لاسبد ما تجيك ضيفات من النجوع النشيرة
قعدان ويا المنيبات يتناوخون بحجيرة
ابديلهم بالسلامات وحيهم بالنحيرة
وافعل افعال كريمات وربك علية الستيرة.
أن حياة الصحراء القاسية وطبيعة تشكيل المجتمع العربي في تلك الفترة إضافة إلي موروثات الأقوام السامية البائدة في كيفية بناء علاقاتها بالظواهر الطبيعية جعلت من العلاقة بين ذلك الإنسان وبين الإبل ضربا من المسلمات الروحية.
فالإبل كائن دارت حوله الحكايات والقصص والأشعار وكلها تمجد هذا الكائن الذي ذكره الله مع خلق الأرض والجبال فنحن نمجد
ما أمرنا الله بالنظر إليه والى عجيب خلقه وأسرار تركيبة البيولوجي ليتناسب مع وعورة الصحراء وقسوة مناخها حتى أن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي
لله عنه رأى هزال وصفرة في وجوه جيوش المسلمين المحاربين والفاتحين لبلاد فارس فقيل له أنهم دخلوا الأرياف والخمائل فوخموا فقال عمر مكاتبا سعد ابن أبى وقاص رضي الله عنه قائد جيش المسلمين في بلاد فارس . رابط بالجيش بين الحجر والمدر فان العرب لا تصح إلى بما تصح العرب عليه إبلها وهكذا فان الرابطة بين الإنسان البدوي العربي وبين الإبل قوية ومتجزرة وعميقة وها نحن نرى الشاعر
اصبيح أبو رويعى يقول في حميمية كبيرة بين الإنسان والإبل ويقول:
 جرى الحديد يوقعك فى النعاس.     واما الجمل بيوشوش الرأس ونه 
عشرين خطوة جمحته بالقياس        يوم أكعاب الراكب يهمزنه.
ومع الإبل في التراث والموروث لنا سلسلة من اللقاءات على صفحات البادية اليوم تمتد ما امتدت بنا الحياة إن شاء الله...لنستجلى مواطن العظة والعبرة ونقف على الأسرار التي أودعها الله في هذا المخلوق.